فصل: السؤال التاسع عشر: ما حكم أخذ التاجر ذهبًا مقابل ذهب يريد المشتري أن يشاور عليه, وهذا الذهب الذي أخذه التاجر رهن إلى أن يرد المشتري ما أخذ منه مع العلم أنه لابد من اختلاف في الوزن بينما ما أخذه ورهنه؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب **


 السؤال التاسع عشر‏:‏ ما حكم أخذ التاجر ذهبًا مقابل ذهب يريد المشتري أن يشاور عليه‏,‏ وهذا الذهب الذي أخذه التاجر رهن إلى أن يرد المشتري ما أخذ منه مع العلم أنه لابد من اختلاف في الوزن بينما ما أخذه ورهنه‏؟‏

الجواب‏:‏ هذا لا بأس به ما دام إنه لم يبعه إياه وإنما قال‏:‏ هذا الذهب رهنا عندك حتى اذهب وأشاور ثم أعود إليك ونتبايع من جديد‏,‏ ثم إذا تبايعنا سلمه الثمن كاملاً وأخذ ذهبه الذي أخذه رهنا عنده‏.‏

***

 السؤال العشرون‏:‏ رجل اشترى قطعة ذهبية بمبلغ مائتي دينار‏,‏ واحتفظ بها مدة من الزمن إلى أن زادت قيمة الذهب أضعافًا فباعها بثلاثة ألاف دينار‏,‏ فما حكم هذه الزيادة‏؟‏

الجواب‏:‏ هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج ‏,‏ ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشراءهم يشترون السلع وينتظرون زيادة القيمة ‏,‏ وربما يشترونها بأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جدا ورأوا الفرصة في بيعها باعوها مع إنهم لم يكن عندهم نية في بيعها من قبل ‏,‏ والمهم إن الزيادة متى كانت تبعا للسوق فانه لا حرج فيها فلو زادت أضعافا مضاعفة ‏.‏ لكن لو كانت الزيادة في الذهب بادل به في ذهب آخر وأخذ زيادة في الذهب الآخر فهذا حرام لأن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزنًا بوزن ويدًا بيد كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإذا بعت ذهبًا بذهب ولو اختلافًا في طيب يعني أحدهما أطيب من الآخر فإنه لا يجوز إلا مثلًا بمثل سواء بسواء يدٍ بيد‏.‏ فلو أخذت من الذهب عيار ‏(‏8‏)‏ مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار ‏(‏24‏)‏ فإن هذا حرام ولا يجوز‏,‏ لأنه لابد من التساوي‏.‏ ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخر القبض في أحدهما فإنه لا يجوز أيضًا‏,‏ لأنه لابد من القبض في مجلس العقد‏,‏ ومثل ذلك بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة‏,‏ فإنه إذا اشترى الإنسان ذهبا من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة إذ إن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة‏,‏ وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض قبل التفرق‏,‏ لقول الرسول عليه والصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد‏)‏ ‏[‏رواه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، رقم ‏(‏1587‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

 السؤال الحادي والعشرون‏:‏ ما حكم بيع الخواتم من الذهب المخصصة بلبس الرجال إذا تيقن التاجر أن المشتري سيلبسها‏؟‏

الجواب‏:‏ بيع الخواتم من الذهب للرجال إذا علم البائع أن المشتري سوف يلبسها أو غلب على ظنه أنه يلبسها‏,‏ فإن بيعها عليه حرام‏,‏ لأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة‏,‏ فإذا باعه على من يعلم أو يغلب على ظنه انه يلبسه فقد أعان على الإثم‏,‏ وقد نهي الله ـ عز وجل ـ عن التعاون على الإثم والعدوان‏,‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ‏}‏ ‏[‏المائدة 2‏]‏‏.‏ ولا يحل للصائغ أن يصنع الخواتم الذهب ليلبسها الرجال‏.‏

***

 السؤال الثاني والعشرون‏:‏ ما هي العلة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم أن دين الإسلام لا يحرم على المسلم الا كل شئ فيه مضرة عليه‏,‏ فما هي المضرة المترتبة على التحلي بالذهب للرجال‏؟‏

الجواب‏:‏ اعلم أيها السائل وليعلم كل من يستمع هذا البرنامج ‏[‏هذا السؤال مأخوذ من برنامج نور على الدرب‏]‏‏.‏ أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله ‏,‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ‏}‏ ‏[‏النساء 36‏]‏‏.‏ فأي واحد يسألنا عن إيجاب شئ أو تحريم شئ دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول العلة في ذلك كافية لكل مؤمن ولهذا لما سألت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت‏:‏ ‏(‏كان يصيبنا ذلك فنأمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ‏)‏ ‏[‏رواه مسلم كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة رقم ‏(‏335‏)‏‏]‏‏.‏ لأن النص من كتاب الله أو من سنة رسوله علة موجبة لكل مؤمن‏,‏ ولكن لا باس أن يتطلب الإنسان الحكمة‏,‏ وأن يتلمس الحكمة في أحكام الله‏,‏ لأن ذلك يزيده طمأنينة‏,‏ ولأن ذلك يبين سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها‏,‏ ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه‏,‏ فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاثة‏.‏

ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ‏:‏ إنه ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث‏,‏ ووجه ذلك إن الذهب أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به‏,‏ فهو زينة وحلية‏,‏ والرجل ليس مقصودا له الأمر أي ليس إنسانا يتكمل بغيره أو يكمل بغيره‏,‏ بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة‏,‏ ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص أخر بخلاف المرأة‏,‏ لأن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل جمالها‏,‏ ولأنها بحاجة إلى التجمل بأعلى أنواع الحلي حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها‏.‏ ولهذا أبيح للمرأة أن تتحلي بالذهب دون الرجل‏,‏ قال تعالى في وصف المرأة‏:‏ ‏{‏أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ‏}‏ ‏[‏الزخرف 18‏]‏ ‏.‏

وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال‏.‏ وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هولاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب‏,‏ فإنهم بذلك عصوا الله ورسوله‏,‏ والحقوا أنفسهم بالإناث‏,‏ وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها كما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى‏,‏ وإن شاءوا أن يتختموا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك‏,‏ وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل إلى حد السرف أو الفتنة‏.‏

والحمد لله رب العالمين‏,‏ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‏.‏